ج8: صمود ومقاومة مشرفة
الشيخ محمد نمر الخطيب ابن حيفا الذي ودع مدينته الحبيبة بالاهات والحسرات والحزن .. دون الكثير من الاحداث الحاسمة والوقائع المؤثرة عن حيفا وصمود قراها وهو يؤلف كتابه الشهير الوثيقة ( من اثر النكبة ) والذي وصف معارك عين غزال ، جبع ، اجزم بالجبارة .
فقد أشار الخطيب ( رحمه الله ) الى مقاومة قرى حيفا للمشروع الصهيوني و حدوث الاشتباكات العنيفة بين اهل هذه القرى و قرى اخرى مع العصابات الصهيونية ، في العام 1947 و العام 1948م في اشهر كانون الثاني ، شباط ، آذار ، نيسان و مايس و غيرها .. و مما ذكره المؤلف :
و في ليلة 13/3/1948م الساعة 12 ليلاً هجم العدو الصهيوني بعدد وافر من الجند يقدر بـ (500) جندي صهيوني – مسلح مدرب – بينهم خمسون امرأة يهودية صهيونية كما جاء بإذاعتهم ، و هم مجهزون بأحدث الاسلحة الفتاكة ، و حتى يمنعوا مجيء النجدات من قرية اجزم الصامدة وضعوا مدفعاً على تلة مرتفعة قريبة منها ، ثم اخذوا يضربون اجزم بالقنابل ليوهموا اهل اجزم ان الهجوم عليهم .. و لقد أبدى اهالي قرية عين غزال من البطولة و البسالة و الصمود شيئاً عجيباً ، فعلى رغم قلة الاسلحة التي معهم فقد قاوموا هذا العدوان بما عندهم من بنادق اغلبها بنادق صيد ...!! اليس هذه مفخرة لابناء عين غزال وجبع واجزم ولاهل فلسطين عموماً على هذا الثبات وهذا الايمان والمقاومة ...
و استمرت هذه المعركة ساعة و نصف انسحبت بعدها اليهود و فشلوا و لاذوا بالفرار جارين معهم قتلاهم و جرحاهم ، و قتلت امرأة عربية واحدة كانت قريبة من المعركة ، و جُرحت امرأتان و ولدان صغيران و جُرح حصان و عدد من البقر .
و في يوم 22/4/1948م حاولت عصابات اليهود الصهاينة التسلل الى قرية اجزم و لكن الحراس كانوا متيقظين هذه المرة فأطلقوا عليهم النار فولوا الأدبار .. و في الليلة الثانية أعادوا هذه المحاولة و لكن حراس قرية اجزم أصلوهم ناراً حامية .
في ليلة 15/5/1948م احتل اليهود الصهاينة قرية ( أم الزينات ) الواقعة في باب وادي الملح في شرقي حيفا ، كما احتلوا بعدها قرية كفر لام – الواقعة على ساحل البحر غربي حيفا – و قرية الصرفند قريباً من قرية كفر لام .
سقطت هذه القرى بعد ان قاوم اهلها مقاومة بطولية مشرفة لولا حجم المؤامرة الدولية و نفاد الذخيرة و قلة السلاح ....
و في يوم 23/5/1948م احتل اليهود قرية الطنطورة ، و في هذا اليوم أراد شباب ( من قرية عين غزال ) ان ينجدوا إخوانهم اهل الطنطورة ، و لكن كثافة الجند اليهودي المحيطة بالطنطورة منعتهم من متابعة المهمة إلا أنهم صادفوا سيارتين للعدو فقتلوا من فيها من اليهود و غنموا ما فيها .
معارك عين غزال ، جبع ، اجزم الجبارة : واصل الشيخ محمد نمر الخطيب تدوين بعض المعارك التي زوده بها المواطن سليمان الصعبي ( رحمه الله ) من قرية عين غزال و مما دونه الخطيب :
في يوم 7/7/1948م حاول اليهود الصهاينة القبض على رجل مسلح من اهالي قرية عين غزال ، فدارت معركة بين هذا الرجل المسلح ( محمد حسن يوسف العبد الله ) و بين اليهود فانجده عدد كبير من اهالي القرية .
فتكاثر الصهاينة بأعداد وافرة و لكن هذه المعركة انتهت بهزيمة منكرة لليهود و غنم العرب ثمانية عشر سيارة ، و كانت (3) سيارات مملوءة بالكاز و البنزين فأشعلت فيها النار و اخذوا عدة أسرى من اليهود بينهم مدير دائرة الأشغال و زوجته .
و بعد ساعتين من هذا الهجوم قام اليهود بهجوم شديد بعدد وافر من المشاة و عدد كبير من المصفحات و دام هذا الهجوم أربعين ساعة ، و اشترك الطيران اليهودي بإلقاء القنابل على اهالي القرى العربية الثلاث و انتهت المعركة بالفشل الذريع مع خسائر لا تُعد ، و كانوا كلما أرادوا ان يتسلقوا الجبال للتمكن من اخذ (مواقع ) أصلاهم المقاومون العرب بنيران حامية و أجبروهم على الرجوع و التقهقر ..
ثم قام الصهاينة بهجوم غادر آخر في صباح يوم 11/7/1948م و ابتدأ هذا الهجوم من الساعة الخامسة صباحاً و دامت المعركة حوالي العشرين ساعة ، و انتهى بفشل الصهاينة الذريع و ولوا الأدبار ..
ثم استأنفوا الهجوم على جبع و عين غزال في 14 و 15/7/1948م و دام القتال الضاري – الغير متكافئ – مستمراً ايضاً مقدار عشرين ساعة و انتهى بالفشل الذريع ..
و في ليلة 20/7/1948م شن اليهود هجوماً عاماً على جبع و عين غزال بكميات وافرة من الجند و اشتركت الطائرات بالقصف ، كما أنهم اطلقوا القذائف من بواخر حربية بحرية.
كانت تقف محاذية لقرية ( كفر لام ) و من مدافع مسلطة – موجهة – من ( كفر لام – و الصرفند ) فاستمات الأهالي في الدفاع مما أدى الى فشل اليهود فشلاً ذريعاً و انهزامهم ، و اخذ المقاومون العرب يطاردونهم حتى قرية ( الفرد يس ) و حدود ( عتليت ) ، وقد كان اليهود قبل بدأ المعركة قد اخبروا اهل قرية ( الفرد يس ) بأنهم سيأتون بأهالي ( جبع ، عين غزال ) بالذل و الأسر فكان انكسارهم خيبة كبرى عليهم .
و في يوم 23/7/1984م قدم اليهود كتاباً بواسطة هيئة الصليب الأحمر يطلبون فيه تمكينهم من استلام قتلاهم ، المتناثرة في الطريق العام .
و لم يمانع العرب المسلمين في هذا الطلب فسمحوا لهم اخذ قتلاهم من منطلق إسلامي إنساني و أخلاقي .. لكن في اليوم الذي كان موعداً لجمع قتلاهم ، قاموا بهجوم عام غادر اشد من كل هجوم مضى ، ودام ذلك (12) ساعة و انتهى ذلك بالفشل الذريع . لان العرب المسلمون يتحلون بروح الفروسية والوفاء اما الصهاينة فيتصفون بالغدر و اللؤم ونكث العهود....
رشيد جبر الأسعد
كاتب فلسطيني
"حقوق النشر محفوظة لموقع " فلسطينيو العراق" ويسمح بإعادة النشر بشرط ذكر المصدر"